سورة الممتحنة - تفسير تفسير ابن عجيبة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الممتحنة)


        


يقول الحق جلّ جلاله: {يا أيها الذين آمنوا لا تَتَولوا قومًا غَضِبَ اللهُ عليهم}، وهم اليهود. رُوِي أنها نزلت في بعض فقراء المسلمين، كانوا يُواصلون اليهود، ليُصيبوا من ثمارهم. وقيل: عامة الكفرة؛ إذ كلهم في الغضب. قال ابن عرفة: كيف نهى عن مطلق الموالاة بعد قوله: {لا ينهاكم الله...} الآية؟ قلنا: المراد بتلك المسالمة والمتاركة، لا الموالاة. اهـ.
{قد يَئِسُوا من الآخرة} أي: مِن ثوابها؛ لعلمهم بأنهم لا خلاق لهم فيها، لِعنادهم الرسول المنعوت في التوراة، المؤيَّد بالمعجزات، أو: لفعلهم فعل مَن يئس مِن الآخرة، فحالهم حال اليائس، وإذا قلنا: هم الكفرة فيأسهم ظاهر، لإنكارهم البعث. والأول أظهر؛ لقوله؛ {كما يئس الكفارُ} أي: المشركون {من أصحاب القبور} أن يرجعوا إليهم. أو: كما يئس منها الذين ماتوا منهم؛ لأنهم وقفوا على حقيقة الحال، وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم، وابتلاءهم بعذابها الأليم. والمراد: وصفهم بكمال اليأس منها، وقيل: المعنى: كما يئسوا من موتاهم أن يُبعثوا أو يرجعوا أحياء. وأظهر في موضع الإضمار للإشعار بعلّة يأسهم، وهو الكفر. قال ابن عرفة: إنْ أُريد المشركون فهم يئسوا منها حقيقة، أي: مِن وجودها، وإنْ أُريد اليهود، فهم يئسوا من نعيمها. فأن قلت: كيف وهم يزعمون أنّ نعيمها خاص بهم؟ قُلتُ: كفرهم عناد. وإسناد الإياس إليهم مجاز، فإذا أراد اليهود، فيكون التشبيه بالكفار حقيقة، وإنْ أُريد العموم فالتشبيه باعتبار اختلاف الصفة والحال، كقولك: هذا بسْراً أطيب منه رطباً. أي: كما يئسوا من أصحاب القبور أن يرجعوا إلى الدنيا، أو يتنعّموا بالجنة. اهـ. وعلى كل حالٍ، فقد ختم السورة بما افتتحها به، تأكيداً لِما نهى عنه.
الإشارة: قد تقدّم مراراً النهي عن مخالطة العامة للمريد، حتى يتمكن من الشهود، فيفعل ما يشاء. وكل مَن حُجب عن الله فله قسط من الغضب، وكل مَن لم يتزوّد للآخرة التزوُّد الكامل، فقد نسيها نسيان اليائس. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.

1 | 2 | 3